شهدت العاصمة تونس السبت 31 مارس حراكا شعبيا كبيرا من طرف مكونات المجتمع المدني و الذي دعت له جمعية اوفياء التي تعنى بملف الشهداء و الجرحى و التي اخذت على عاتقها الدعم المعنوي لعائلات الشهداء و الجرحى و الاشراف المباشر على الدفاع في مختلف المحاكمات التي شهدتها محاكم تونس العسكرية فيما يعرف بملف “القناصة” الذين اوكلت لهم مهام اسقاط المتظاهرين بالرصاص لردع المتظاهرين و اطفاء شعلة الاحتجاجات. جاء هذا الحراك بعد المماطلة و التسويف في اتخاذ الخطوات التي تمليها القوانين و الاعراف و الحس الانساني و التي تتمثل في معاقبة الجناة خاصة و ان عدد الشهداء تجاوز الثلاث مائة ما يفند فرضية الحوادث المعزولة و ان قتل المتظاهرين السلميين كان قرارا سياسيا بامتياز و ان الشهداء طالتهم يد الغدر بطريقة ممنهجة.
هذا الحراك الذي دعت له جمعية “اوفياء” على لسان رئيسة الجمعية الاستاذة لمياء الفرحاني و احد ابرز ألسنة الدفاع التي واكبت حيثيات القضية منذ اليوم الاول جاء بعد مهزلة التصويت الذي شهده مجلس نواب الشعب و الذي كان مشروع قانون التمديد لهيئة الحقيقة و الكرامة المعنية بالعدالة الانتقالية و الاشراف على انجاح المسار و بالرغم من ان نصاب التصويت لم يكتمل و لم يحقق المصوتون الحد الادنى الضامن لمرور التشريعات بحسب ما ينص عليه القانون الداخلي المنظم للسلطات فان رئيس المجلس محمد الناصر اصر على تمرير القانون و اعتباره شرعيا في مخالفة صارخة و صريحة للقانون ، فكانت القشة التي قصمت ظهر البعير و اسقطت الاقنعة على شرذمة تتلاعب بامن العباد و البلاد و السلم الاجتماعي من اجل مصالح ضيقة و خاصة جدا تصب في اتجاه واحد الا وهو تقديم الخدمات الجليلة للمخلوع و نظامه الذي لفظه الشعب التونسي في انبل صور الكفاح و الارادة التي عرفتها البشرية.
خلال الحراك الذي كان مسرحه مقر هيئة الحقيقة و الكرامة في رسالة قوية لمن تخول له نفسه ضرب المسار سمعنا شعارات لم نعهدها من قبل و التي ستكون سبب ارق للطبقة السياسية الحاكمة.
و بعيدا عن الشعارات و التخمينات فان ما آلت اليه الامور اليوم في تونس من استخفاف الطبقة السياسية بالشارع و خياراته المفتوحة يدعو للتدبر و طرح الاسئلة بموضوعية بما ان هناك في القدر امر يطبخ على نار هادئة.
هل تكون العدالة الانتقالية و مسارها كلمة السر في تونس؟ خاصة بعد ان كشفت منذ اسبوعين تقريبا عن حقيقة السيادة المزعومة و التي فندتها وثيقة 1955 المبرمة مع بورقيبة و زمرته و التي تمنحه بمقتضاها فرنسا الرئاسة مدى الحياة مقابل الثروات الباطنية من بترول فسفاط و ملح و غيرها من الثروات؟
ثم سكوت السواد الاعظم على هذه الجرائم في حقه ….هل يمثل عزوفا و زهدا فيما عند قيصر ام هو الهدوء ما قبل العاصفة؟
في مقابل اعتماد الازلام على عامل النسيان … يعتمد شرفاء تونس على عامل هشاشة المنظومة الحالية . و بين هذا و ذاك و في ضل العوامل الاجتماعية القاسية و تدهور الدينار التونسي امام مختلف العملات و بالتالي التضخم المتزايد يجعلنا امام حتمية التغيير و امكانية ادخال تونس في نفق مظلم لا يعلم عواقبه الا الله و بناء على هذا يبدو ان المراهقة السياسية و خيار الاحزاب في الاستكانة على منظومة الفساد و الافساد بقيادة النظام السابق و العمل على تبرئتها و تجنيبها الوقوف امام القضاء سيدفع ابناء الشعب للقصاص و رمي الخونة في المزابل على غرار ما وقع في اروبا الشرقية و ما ذلك اليوم على تونس ببعيد.
صابر اليعقوبي
Comments are closed.