testata
Ad
Ad
خبر اليوم

ايطاليا: من رحم المعاناة يولد الامل و من بعد التهجير ياتي الوطن جمال الهمادي قصة تحدي

Google+ Pinterest LinkedIn Tumblr
نشأ جمال في تونس وسط تجاذبات سياسية و ظروف اجتماعية معقدة، مثل أغلب البدان العربية، لم توفر تونس لشبابها أبسط مقومات العيش الكريم، ففساد النظام السياسي والمحسوبية والنهب والسرقة لا ينتج عنهم إلا التهميش والبطالة وانسداد الأفق، فيتمكن اليأس من الشباب فيرمي بهم إما في شباك الانحراف والجريمة المنظمة أو في قوارب الموت، فالهجرة الغير الشرعية هي الأمل.الأمل الذي عجزت عن زرعه دول العالم العربي منذ عقود من الزمن.
لم يكن جمال في شبابه يبحث عن المال الوفير والبذخ الكثير، ولم يكن طموحه الهجرة للعودة بسيارة أو بدراجة نارية فخمة كما يفكر جل الشباب، لقد هاجر باحثا عن الأمن، عن وطن يحميه ويحترمه كإنسان، عن وطن لا يبطش به ولا يتعدى على كرامته.
هاجر جمال قبل 30 سنة هربا من القمع، من نظام مستبد لا يرحم معارضيه، من نظام لا يحترم حتى حق مواطنيه في ممارسة شعائرهم الدينية، لقد كان جمال من ضحايا الأنظمة البائدة التي حكمت تونس، فالملاحقات الأمنية والمحاكمات السياسية التي نصبت أجبرت جمال على الهجرة مبكرا حفاظا على حياته وعلى ما تبقى من كرامته دون عودة في ظل حكم نفس النظام قبل أن يسقط في انتفاضة جانفي 2011.
لم تنتهي معاناة جمال بمجرد وصوله إلى إيطاليا، فقد نجى من اخطار واقعه القديم لكنه ارتطم بواقع جديد مختلف وبحياة مليئة بالتحديات تفرض عليه المزيد من الصبر والتضحية والمثابرة للفوز بمعركة الكرامة ونيل حريته التي سلبت منه في موطنه الأصلي.
تمكن من الاستقرار في إيطاليا وتحصل على الوثائق القانونية، كان جمال مقيما نموذجيا، سيرته حسنة، أخلاقه عالية، يخدم مجتمعه الجديد بصدق، كان نشيطا وحيويا ومتقنا لكل عمل يقدم عليه خاصة صلب المجتمع المدني، وبعد عشرين سنة من الإقامة أصبح من حقه الحصول على الجنسية الإيطالية كما ينص قانون البلاد، لكنه كان دائماً يتفاجئ بالتسويف و المماطلة و برفض طلبه في الحصول على حق مكتسب حسب القانون، لكن الصدمة كانت حين تعرف على الأسباب الحقيقية، فقد كانت التقارير الأمنية التونسية تلاحقه حتى في مهجره طوال كل تلك السنين، وفي تصريح للجالية نيوز يقول جمال “لقد تركنا لهم الوطن ولم يتركونا” فأصبح جمال يعاني مأساة المغترب الذي يكرهه وطنه محاولا خلق مبررات مقنعة وأجوبة لكل تساؤلاته لكن دون جدوى.
في إطار عمله صلب الجالية خاصة كرئيس لها، تمكن من بناء علاقات انسانية وطيدة مع سلطة الإشراف، يقول جمال ” تجاوزت العلاقة كل القيود الجراركية
والبيروقراطية واتسمت بالإنسانية المحضة، وهذا ما جعل السلطة السياسية تطرح أسئلة منطقية بعد قربها من شخصي ومتابعتها لسيرتي حتى أدركت أن التقارير الأمنية المرسلة كلها مبنية على وهم ومنافية للواقع”
تمكن اليوم جمال وعائلته من الحصول على الجنسية، فكان شعورا استثنائيا، أو بالأحرى شعوراً جديدا، إنه شعور الإنتماء لوطن، أخيرا أصبح لجمال وطن، يقول …. “لقد شعرت بالانتماء حين أقسمت، وقلت لزوجتي، الان نحن إيطاليون، تصرفي كإيطالية…”.
لقد كان جمال ذو عقل سليم وقلب طيب وروح معطاءة شعارها الحب والسلام، لقد حافظ على نفسه ولم تجعله الظروف القاسية والخصاصة ينحرف إلى سبل الموت والهلاك، إما في مستنقعات المخدرات أو في حفر التشدد التي يقع فيها اليوم الآلاف من الشباب، شباب همشتهم أوطانهم ورمتهم في المجهول، شباب يبحث عن الحياة حتى في مملكة الشياطين.

Giornalista presso Jalyanews e Notiziegeopolitiche

Comments are closed.