تضاعفت جهود الجالية العربية في المهجر خلال السنوات الاخيرة من اجل تفعيل الاندماج الفعلي و تكريس لغة الحوار بين الثقافات و الإنصهار في مجتمع أصبحت فيه الجالية جزء لا يتجزأ من النسيج الإجتماعي و طرفا في البناء الإقتصادي والسياسي لا سيما في ظل العولمة ومختلف أشكال التواصل المعلوماتي الذي يبيح للجميع الانخراط في دائرة التفاعل الحضاري على كافة المستويات لا سيما المجتمع المدني باختلاف مشاربه و توجهاته الفكرية. في هذا الاطار تعمل الجالية بمدينة بريشيا على تطوير هذا الجانب حتى يكون لها اشعاع إيجابي وحضور بناء وفعال ولتنخرط بصفة فعالة في الانتاج الفكري والنماء الثقافي عن طريق الندوات العلمية المفتوحة و النقاشات التي تدفع الى الامام بعربة الفكر والإبداع والرقي الانساني.
“معاهدة بريشيا من أجل إسلام إيطالي” هي في الحقيقة إحدى تنسيقيات المجتمع المدني المسلم، الذي يعمل منذ سنين من أجل تفعيل رؤية شاملة للإسلام من منظور متطور يتماشى مع حقيقة هذا المجتمع الذي يمثل حاضنة للمسلمين من كل أسقاع الارض باختلاف الرؤية والتصور والمذهب. و بناء عليه يعمل الجميع على ضرورة الجلوس حول طاولة الحوار والانكباب على صياغة مشروع تقريب لا تنفير، مشروع يجمع ولا يفرق وينبثق من تعاليم الاسلام السمحاء و يلتقي مع الانسانية حيث كانت ويرتقي بالانسان كيفما كان. عاشت الجالية المسلمة بمدينة بريشيا يوما متميزا حيث نظمت تنسيقية “معاهدة بريشيا من أجل إسلام إيطالي” محاضرة بعنوان: “الإمبراطورية الرومانية البداية و السقوط وولادة الإسلام” حيث كان لاستاذ القانون الروماني بجامعة بريشيا “جوفاني تورالي” ونظيره البروفسور”صاندرو تشانسي” مداخلات قيمة وثرية تناولا فيها محاور التواصل بين الحضارات وجسور التعايش والترابط بين الشعوب لاسيما تلك التي اجتمعت في حوض البحر الابيض المتوسط و التي انحاز بعضها الى المسيحية و غيرها للاسلام. وبالرغم من اختلاف المعتقدات الا ان الاوائل عملوا على بلورة مجال للتواصل والتفاهم والعيش المشترك ، و خلق مساحة من الحرية و بالتالي الحفاظ على البعد الانساني الجامع.
صابر اليعقوبي
Comments are closed.