ترعرع في حلقات الذكر ومجالس العلم فغدا بين أقرانه متميزا وازداد تميزا حين أدرك من حوله أنه منذ نعومة أظفاره قد أوتي مزمارا من مزامير آل داود وأجود ما جادت به بلاد الشام من الحناجر وأرقها وأصفاها تعلق بالكلمة الطيبة وزينها بأشجى الألحان حتى غزت نبراته قلوب أهل المشرق والمغرب ولازال يجول في بستان الشعر القديم والحديث ينهل من هذا ويحفظ لذاك وبين هذا وذاك أصبح من أهل الريادة في المجال ولا يكاد ركبه يستريح شمالا إلا ودُعي لشد الرحال جنوبا.
المعتصم بالله العسلي شاب يافع من خيرة شباب سوريا من أشد المناصرين للثورة السورية يطلب الحرية لشعبه ويتمنى الاستقرار لبلده سوريا أثناء قدومه إلى إيطاليا من مكان إقامته سويسرا التقيناه في إحدى حفلاته الإنشادية. كان ذلك في مدينة بريشيا بمناسبة تكريم الفائزين في المسابقة القرآنية إذ كان عرسا بما تحمله الكلمة حيث أبدع المعتصم بالله كعادته بين مدح لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومناجاة لله.
:الجالية نيوز كانت حاضرة بهذا الحفل الراقي وكان لها مع المعتصم بالله العسلي الحوار الآتي
-أن تكون منشدا إسلاميا في البلاد العربية فهذا عادي ولكن ما معنى أن تكون منشدا في أوروبا؟
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله قبل كل شيء أحييكم وأحيي جريدتكم.. و إجابة عن سؤالكم أقول أن هذا يعني عالمية الشيء حين يكون خارج القطر العربي ونجد هذا الكم الهائل من الإقبال والاستحسان فهذا يعني أن للشيء وجود في الكيان الروحي بقطع النظر عن فهم الكلمات من عدمه إذا اجتمعت الكلمة والصوت الحسن وحسن الأداء فهذه العناصر الثلاث تجعل من الإنشاد رسالة لأن الإنشاد لا يعتمد على الأدوات الموسيقية والصخب بل يعتمد على الذوق في الكلمة وجمال الصوت وحسن الإلقاء لأن الكلمة الطيبة تعبر بك كل الحدود وتصل إلى عمق الأرواح فإذا بلغت هذا الرقي فقد بلغت العالمية
كثير ما كان للمنشد وقع حتى على غير المسلمين وكثيرا من غير المسلمين أسلموا بفضل أنشودة فهل تعتقد بأن المنشد يمكن أن يكون داعية ؟-
طبعا.. ترعرع المنشدون في دور الإنشاد ولكننا بدأنا في المساجد فكان اكتشافنا للعالم الإنشادي وفي إطار طلب العلم وكان يقال لنا المنشد مرشد ولكن المرشد لا يكون منشدا.. عندما تختار الكلمة الطيبة والهادفة وتختار لحنا جميلا قد تصل إلى قلوب الناس بصوت جميل ,هنالك من يريد فصل الكلمة عن اللحن نقول له لا , فحتى اللفظ القرآني أُمرنا بترتيله وتحبيره.. هذا فن وهناك من اعتنى به كما هناك من يعتبره الفن البديل وأنا أقول بل الفن الأصيل فالنشيد هو من الغناء المحمود الذي تطيب به النفوس وترتقي وتصل به إلى خالقها عن طريق الكلام والصوت والإحساس فيحبه حتى غير المسلم ويحبه حتى الذي لا يفهم العربية لأنه يشعر بإحساس المنشد.. أحكي لك ما وقع لي مرة عندما أنشدت في كنيسة فجاءتني امرأة ولم تفهم ما أقول وقالت “أنا لم أفهمك ولكن كلامك دخل قلبي”
ما مدى أهمية الكلمة واختيارها ومن أين ينهل المعتصم بالله كلماته الإنشادية ؟-
أنا أبحث في الكلام القديم الذي يحسب على أهل الله ك”ابن الفارض” , لأني ألتمس العمق الروحي في الكلمة خاصة في باب المناجاة التي من خلالها نخاطب الذات الإلهية أو مع شعراء العصر وبعد اختيار الشاعر أعطيه التصور العام والكلمات وبدوره يتولى إنشاء القصيدة كقصيدة “عجبا لأمر المؤمن” المستوحاة من حديث الرسول عليه الصلاة والسلام والتي يقول فيها “عجبا للمؤمن في أمره– يؤجر في يسره أو عسره– فالشكر يبارك في رزقه والصبر يبارك في أجره”.. في باب العلم مثلا لدي قصيدة بعنوان “ياربي زدني علما”.. غنيت لذوي الاحتياجات الخاصة في قصيدة أخرى لأني هكذا أريد تغطية مجالات الحياة إضافة إلى المديح وهو الأساس في النشيد على رأسه مديح رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا يكون الإنشاد أيضا يلامس حياة الناس ومشاكلهم كالحرية وقضايا الأمة ومشاكلها فهو ليس منوط بالغناء والإنشاد أولى به.
أريد هدفا من أهداف المعتصم بالله من خلال الإنشاد-
أنا بفضل الله أكرمني الله بصوت.. وأسمى أهدافي هو نشر الإنشاد ورسالته في العالم كله للمسلم وغير المسلم لأن رسالته سامية تصل الأرض بالسماء.. ليست عندي أهداف شخصية رغم أني أريد الوصول إلى القمة لأتك إذا كنت معروفا عالميا أصبحت لك إمكانيات وهكذا أعمل على تقوية المنشدين وإخراجهم من حالة الضعف.
أنت تنشد بالعربية هل لك مشروع إنشاد بغير اللغة العربية؟-
نعم.. الآن أنا بصدد البحث عن كلمات لا يهم ألماني انقليزي فرنسي وهذا ما أقصده بالرسالة العالمية يعني أن تتغير اللغة.
أريد إرفاق هذا المقال بإحدى أناشيدك فماذا تقترح علي؟-
أنا أقترح عليكم سماع أنشودة إلهي التي فازت بعدة جوائز لأنها في باب مناجاة الخالق وكل من يسمعها يرتاح نفسيا.
حوار صابر اليعقوبي
Comments are closed.