منذ سنوات قليلة أدركت هذه الفئة من الجالية العربية المهاجرة ضرورة التنظم و العمل في إطار المنظومة التي اختار المهاجر الإنتماء لها و العمل تحت مظلة قوانينها سعى جاهدا لفهم واقعه الجديد و أدرك أنه كما يوجد مصالح خاصة كحق السكن و العمل و التنقل ، هناك كذلك مصالح عامة في نفس الإتجاه و من الضروري فهم طبيعتها و طرق الحصول عليها في إطار ما تكفله قوانين البلاد و تعارف عليه العباد. لا شك أن ألمانيا هي أحد أهم البلدان التي يسعى المهاجر العربي لدخولها و الإقامة فيها لما توفره من فرص للدراسة و العمل على حد سواء ، ثم إن السياسات الحكومية تجاه الوافدين كانت في أغلب الأحيان ناجعة في تحقيق الحد الأدنى من فرص الحياة عموما ، في هذا الإطار سعت الجالية نيوز للتواصل مع أحد الشبان التونسيين المقيمين في ألمانيا لفهم طبيعة عملهم و المرحلة التي بلغها العمل الجمعياتي و رؤيتهم المستقبلية عموما.
محمد العثماني هو أحد الوجوه الشبابية التي برزت مؤخرا في دائرته الطلابية بمدينة إقامته ببرلين الألمانية على إثر تأسيسه لجمعية الأكادميين التونسيين ببرلين بعدما ارتأى ضرورة خلق هيكل قوي يرعى مصالح الطلبة و يشرف على إرشادهم و تقديم التوجيه الصحيح الذي غالبا ما يفتقده الطالب العربي المهاجر كدعم لوجستي أولي يبيح له مساحة هامة في باب التحرك السليم و ملامسة الحلول المناسبة دون إضاعة وقت و إنهاك للجهد و المال.
من هنا انطلق محمد و ثلة من الطلبة التونسيين في فكرة تأسيس أول جمعية طلابية من منطلق “الحاجة أم الاختراع” حيث أدرك الجميع ضرورة انخراطهم تحت مظلة قانونية تبيح لهم التدخل بشكل مباشر سواء مع السلطات كلما جد طارئ كما تبيح عرض مقترحات مع إمكانية المشاركة في مختلف التظاهرات ومواكبة المستجدات.
:تواصلنا مع الرئيس السابق للجمعية وأحد مؤسسيها محمد العثماني باعتباره أحد النخب العلمية والذي يمثل أحد أعضاء هيئة تنسيق الجمعيات وكان لنا معه الحوار الآتي
قبل كل شيء نود أن تعطينا بسطة عن التنسيقية التي تنتمي إليها بصفة خاصة والعمل الجمعياتي بصفة عامة-
أعتقد أن هذا المجال كانت انطلاقته الفعلية بعد ثورة 2011 وجل الجمعيات الفاعلة حاليا هي وليدة التغير السياسي في تونس وفي العالم العربي وبعد مرحلة التأسيس بدأت الجمعيات تبحث عن فضاء أرحب وآفاق أوسع فسعت للامتداد بقصد خلق شبكة من الكفاءات التونسية في كل المجالات العلمية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. كانت الغاية من هذا هو أن تكون للمغتربين التونسيين بألمانيا أرضية صلبة نسعى من خلالها إلى الوقوف في إطار جمعياتي على المشاكل الجدية التي من الممكن أن يتعرض إليها المهاجر. كان تأسيس هذه الجمعية سنة 2013 حيث اجتمعت عديد الجمعيات من عديد الولايات الألمانية وكل في جعبته رؤى ومقترحات خاصة فيما يتعلق بالتواصل على المستوى الإداري في ألمانيا حيث كثيرا ما يعيش المهاجر أزمة في استقاء المعلومة الصحيحة وطريقة العمل بها في ظل افتقاد للتوجيه السليم أحيانا. ومن هناك كان لنا حد أدنى من اللقاءات .
تشهد التنسيقية لقاءا سنويا على الأقل من خلاله نعمد إلى تفكيك جل النقاط المطروحة في إطار ورشة عمل ماراثونية ثم الخروج بتوصيات يجمع عليها الحاضرون. فعمل التنسيقية بالأساس يعتمد على التواصل مع الناس والبحث في متطلباتهم ومحاولة رفع المطالب ثم إيجاد الحلول .
ماهي نوعية المكاسب التي تعملون على تحقيقها؟-
أعتقد أن وجود المجتمع المدني بصورة منظمة ومهيكلة تبيح تواصلا سلسا بين الطبقة السياسية وسلطة الإشراف الإدارية ثم إن من بين أهداف التنسيقية هو أن تكون همزة وصل بين السلطات الألمانية وإدارتها والسلطات التونسية المتمثلة في السفارة والقنصليات فنكون بذلك الحلقة الرابطة بين كل الأطراف عاملين بذلك على تحقيق الأفضل من حيث الخدمات والمطالبة بالأجدر من بين المشروعات ثم لا ينكر أحد أنه على مدى السنوات الماضية وقع شرخ بين التونسيين ومؤسساتهم فتعاظمت أزمة الثقة بينهما وزاد عمق الهوة ولذلك نحن كمجتمع مدني نعمل على إعادة الثقة بين المؤسسة والمواطن بالوقوف على مصالح الناس ومتطلباتها دون محسوبية وارتشاء.
–مؤخرا تميزت العلاقة التونسية الألمانية ببعض الأحداث الغير مألوفة.. فعلى سبيل المثال بعد العملية الإرهابية للتونسي “أنيس العمري” .. كيف تصرفتم خاصة وأن الحادثة كانت في برلين؟
في شهر جانفي 2017 وفي ذكرى الثورة أقمنا تظاهرة في بلدية شرلوتنبورغ ورفعنا العلم الألماني والتونسي بحضور وجوه سياسية ومنظمات وجمعيات عن المجتمع المدني بحضور إعلامي مهم.
في كل الاحوال لا تهم النتيجة التي قد حصلنا عليها بقدر ما نعتبر هكذا حراك في غاية الأهمية كما ينم على روح المسؤولية التي يتحلى بها المهاجر التونسي تجاه شعب اخترنا أن نشاركه أرضه وتجاه وطننا تونس الذي ندين له بالكثير. في نفس السياق أقمنا ورشة عمل سنة 2017 طرحنا من خلالهما موضوعين :
الأول بعنوان “الكفاءات التونسية في ألمانيا” والثاني “دور الجمعيات التونسية في حماية الشباب من الإرهاب والإجرام” .
بما أنكم لا تعملون بمعزل عن التونسي.. أهدافه ومشاكله.. فما مدى أهمية تواصلكم مع تونس ؟-
هذا نعتبره مهما ولكنه ليس أولوية.. ندرك جيدا متطلباتنا وخارطة طريق عملنا واضحة المعالم ونعتبر توسيع رقعة التنسيقية وتقويتها هي أولية الأولويات.. إذا حققنا كل هذا بطبيعة الحال ارتباطنا العضوي بتونس سيأخذ منحى جديدا ومهما.
حوار مريم فريح
Comments are closed.