في إطار ما تتيح الشريعة الاسلامية السمحاء من اجتهاد و بعد نظر يتغير بتغير الحال زمانا و مكانا ، عمل المغتربون منذ القرن الماضي مع من عرفوا بالمسلمين الجدد على انشاء المؤسسات و تطويرها لا سيما المسائل الفقهية التي تخضع للتطور مواكبة للسيرورة الاجتماعية و تكيفا مع متطلبات النفس البشرية مع الاتزان الذي يضمن الفتوى مع الدليل من كتاب الله و سنة رسوله. المجلس الأروبي للإفتاء و البحوث هو أحد هذه المؤسسات التي تضم ثلة من العلماء المجتهدين و العاملين على صياغة فتاوى تتماشى و واقع المسلم المقيم في أروبا و بما أننا على مشارف رمضان المعظم ، بادر المجلس الأروبي للبحث في مسألة صيام تلاميذ البكالوريا الذي ستكون امتحاناتهم في شهر رمضان، و بناء على هذا تمت صياغة فتوى تبيح الإفطار و القضاء للتلاميذ المسلمين حفاظا على بريقهم الذهني و عدم فقدان التركيز. الجالية نيوز تسوق لكم الفتوى كما صدرت دون الخوض في صحتها أو خطئها
باعتبار أن هذا المجال له رجاله و مختصيه و يخضع لمعايير و مقاييس ليست من مشمولات الصحافة
إفطار الطلبة بسبب الامتحانات في أوروبا
يأتي شهر رمضان هذا العام في عمق امتحانات البكالوريا وغيرها، وهى امتحانات لا يمكن تأجيلها، وينبني عليها مستقبل الطالب العلمي والعملي، والصيام قد يؤثر على تركيز الطالب في الاستذكار والامتحانات خاصة مع طول النهار وقصر الليل في صيف أوروبا. وأحوال الطلبة مختلفة مع الصيام أثناء الامتحانات فمنهم من يتأثر ويفقد تركيزه مع أول ساعات النهار، ومنهم من يتحمل لتعوده على الصيام فلا يمكننا تقرير حكم واحد لجميع الطلاب. ومع التأكيد على أهمية فريضة الصيام، وبركة العبادة وأثرها المباشر فى توفيق العبد وتحصيل مقصوده الدنيوي، إلا أنني أؤكد كذلك على مبدأ رفع الحرج والمشقة عن الناس في التكاليف، وأن المشقة تجلب التيسير، وأنه إذا ضاق الأمر اتسع، وأن العبادات منسجمة مع حياة الناس وظروفهم، فمن عَلِم من الطلبة المسلمين فى أوروبا بالتجربة أو بغلبة الظن أن الصيام سيؤثر على أدائه فى الامتحانات استذكاراً وتحصيلاً واختباراً ووجد مشقة شديدة أضعفت قدرته على التركيز، جاز له الفطر وعليه القضاء، على أن يبدأ يومه صائماً مستعيناً بالله وأن يُقصر فطره على الأيام التي يستعد أو يمتحن فيها وتقع له فيها المشقة فقط دون توسع بالزيادة عليها، وذلك لما يلي: 1. الفتوى الصادرة عن المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث ونصها: إذا خشي الطالب بسبب طول ساعات الصيام في رمضان أن يصاب بإرهاق ومشقة شديدة تؤثر على تركيزه في أداء الامتحان لو صام، ولا يمكنه التأجيل، فله أن يفطر دفعًا لتلك المشقة، ثم يقضي الأيام التي أفطرها، قال الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]. فتوى 6/ 25 2. اجتماع سببين للتخفيف والترخيص فى الفطر على طلبة أوروبا وهما: الطول المفرط للنهار صيفاً، والامتحانات. 3. القياس على ما قرره الفقهاء بشأن أصحاب الْحِرَفِ من ” أَنَّهُ إنْ كَانَ هُنَاكَ حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ لِعَمَلِهِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، أَوْ خَشِيَ تَلَفَ الْمَالِ إنْ لَمْ يُعَالِجْهُ، أَوْ سَرِقَةَ الزَّرْعِ إنْ لَمْ يُبَادِرْ لِحَصَادِهِ، فَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ مَعَ الصَّوْمِ وَلَوْ أَدَّاهُ الْعَمَلُ إلَى الْفِطْرِ حِينَ يَخَافُ الْجَهْدَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ تَرْكُ الْعَمَلِ لِيَقْدِرَ عَلَى إتْمَامِ الصَّوْمِ، وَإِذَا أَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ” الموسوعة الفقهية الكويتية. والامتحانات في عصرنا أكثر أهميةً وأعظم أثراً في حياة الطالب من الصور المذكورة فإذا صح الفطر مع القضاء فيها، صح في الامتحانات من باب أولى. 4. ضبط الفقهاء المرض المبيح للفطر بالذي تزيد مشقته عن مشقة السفر، ومشقة الصيام فى الامتحانات صيفاً مع طول النهار تربو على مشقة السفر والمرض أو تساويه، فجاز لأجلها الفطر مع القضاء إن لم يُطق الطالب الصيام. 5. القول بجواز الفطر مع القضاء للطلبة المسلمين الأوروبيين يؤسس للفقه الحضاري الجماعي الذي نتغياه لعصرنا عامة ولأوروبا خاصة؛ إذ يمكّن المسلم من العيش بدينه مراعياً خصوصياته الزمانية والمكانية، ويحقق مقصد التطلع إلى التعريف بالإسلام، وينفي أن تكون العبادة سبباً لتخلف المسلمين دراسياً.
والله أعلم
وكتبه د/ خالد حنفي رئيس لجنة الفتوى بألمانيا
وعضو المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث
Comments are closed.