testata
Ad
Ad
شخصية الأسبوع

بريطانيا: بين طفولة تحت القصف و سرطان يسرق فلذة كبدها مريم المشتاوي تعشق لغة الضاد وتكتب “الحذاء الصغير”

Google+ Pinterest LinkedIn Tumblr

كنا ندرك أن من في الطابق الأول له آمال أكبر في الحياة، ذهبنا نحتمي هناك …سقطت قذيفة قريبة منا و فجأة تصاعد الدخان! سؤال واحد كان يجوب خاطري …هم الذين ماتوا جراء القصف أم أنا؟ انتقلنا إلى بيت آخر في مقر شغل والدتي بمستشفى الجامعة الأمريكية ببيروت ، هناك أول ما لفت انتباهي كتاب فتح الأندلس لجرجي زيدان ، فكنت أتنقل و الكتاب بين يدي لا أتركه من فرط قوة عنصر التشويق في أسلوب جرجي زيدان رغم أني كنت طفلة لا أدرك أبعاد التاريخ الإسلامي و ما فيه من عمق و تدبر كانت أمي تحملني لتناول الطعام و لكني لا أترك الكتاب أبدا كنت أعيش الحب في مرحلة سوداوية عن طريق رواياته و لكني كذلك كنت أكتشف الأنثى التي بداخلي و أرمي بجسر خارج الحرب. كانت قصص زيدان المنفذ الوحيد لترك عالم الدمار ورائي. حبيب لم يكن يوما حبيبي، كان أول ديوان لي، وصفت فيه أول همسة ، أول رعشة ،أول لمسة ،أول خوف ، أول حب و كانت إنطلاقة مع الشعر و الأدب بعد لقائي بالأستاذ جرجي غريب الذي نشأت بيني و بينه علاقة روحية ، على إثرها كتب قصيدة في إحدى دواوينه سماها مريم. انتقلت للدراسة بالجامعة الأمريكية ببيروت و تخصصت بالأدب العربي مع الانجليزية ، زاد تعلقي بالشعر و الأدب و قررت إكمال الماجستير ثم كانت لي فرصة اللقاء بعمالقة خاصة و أن الجامعة كانت القلب النابض للمدينة على غرار المسرحي سعدالله ونوس و ما أروع قوله الساحر ““ءحين تلم بنا الخطوب ،ويهدد الخطر وجود الأمة ،من المحزن الا يكون لدى العالم ما يفعله إلا وصف المحنه …! بل،حين تلم بنا الخطوب ويهدد الخطر وجود الامة من المحزن ألا يكون لدى الأمة من تستنجد به إلا علماء بلا قوة ولا شوكة” ― كيف تنسى قوله “في الواقع الموحل والزمن السقيم ،قد يكون إنجاز الممكن هو الحلم” ق صيدة أجمل حب لمحمود درويش و الصدق الذي تحمله الكلمات عندما يقول : أحنّ إلى خبز أمي و قهوة أمي و لمسة أمي و تكبر في الطفولة يوما على صدر يوم و أعشق عمري لأني إذا متّ، أخجل من دمع أمي! خذيني ،إذا عدت يوما وشاحا لهدبك و غطّي عظامي بعشب تعمّد من طهر كعبك و شدّي وثاقي.. ثم جاء الزواج. و كانت لندن البداية. و أول إحساس راودني و أنا أستكشف جمالها أن أبنائي سيكبرون في سلام و من هناك بدأت بتدريس العربية في جامعة لندن مع الأستاذ يوسف عمر. لم أأكن أتصور أني أشتغل في تدريس اللغة العربية لأني لم أكن أدرك المدىى الواسع و الحقيقي الذي تحمله هذه اللغة . و تواصلت الرحلة في لندن إلى أن اكتشفت أثناء زيارتي إلى بيروت أن ابني انطوني عنده ورم سرطاني صعب المداواة، و بدأت رحلة المعاناة معه إلى أن رحل ابن الخمس سنوات فكانت أول قصيدة بعد موته تحت اسم “الحذاء الصغير” علمني صغيري كلمة بسيطة أيام اشتدت به الأوجاع ، كلما سألته عن آلامه يقول كل شيء بخير بينما كان يموت. الحذاء الصغير  “ها أنا أعانق حذاءك الصغير فأمشي به خلف ذكراك يأخذني إلى موسم الدفء والحنين فأشعر بآلام المخاض من جديد وأنتظر ولا تأتي الساعة أنتظر يومــًا شهرًا سنة دهرًا وآلام الولادة تشتد والعمر يمر وحذاؤك الصغير يعانقني

مريم المشتاوي اليوم تدرس و تعيش في لندرن و لا تفارق الأطفال الذين يعانون داء السرطان. لأنها لا تزال ترى انطوني بينهم.

صابر اليعقوبي

Comments are closed.