testata
Ad
Ad
شخصية الأسبوع

إيطاليا : طه العمري ….. قصة مهاجر أشعل شمعة بدلا من لعن الظلام.

Google+ Pinterest LinkedIn Tumblr

قد تهاجر قسرا أو رغبة في ذلك ، قد تترك الديار طالبا للعلم أو عاملا ، أو مجازفا في أحد القوارب المهترئة التي لم تعد تصلح حتى للصيد . في اليد حقيبة و قليل من الأمتعة و في الرأس أسئلة و في القلب حرقة لترك الأهل والأصدقاء . تساؤلات تجوب في الخاطر ، هل سأعود سالما غانما؟ و إن عدت فكيف؟ و متى سأعود؟ أسئلة بلا عنوان و بلا جواب كمن يسبح في بحر ليس له ساحل ، حينها تدرك أن الإنتظار سيطول قبل الحصول على جواب و تنتابك رغبة في طي الزمان طيا لتبلغ المرام

طه العمري ، أصيل ولاية القصرين و هو أحد خيرة شباب تونس الذي لم يعش الحرمان و الخصاصة لانحداره من عائلة ميسورة الحال ، ابن لأحد الكوادر و الأطر في المجال العلمي و سياسي برلماني في العهد البورقيبي . عاش الوفرة واليسر ، اختص في مجال الفيزياء في أحد أرقى الجامعات بالعاصمة تونس و بالرغم من التميز كان يدرك في قرارة نفسه أنه يحتاج لفضاء أرحب للإبداع و أن طموحاته تحتاج لمناخ أفضل.

طه العمري اليوم هو أحد رجال الأعمال المهميين في مدينة بريشيا صاحب شركة أميفار المصنعة للحديد الصلب و الفولاذ و التي تغطي عديد الأسواق على مستوى دولي و محلي و الذي سطع نجمه و راجت قصته في الصحافة و الإعلام. كانت انطلاقته من لا شيء ، مهاجر معدم لا يملك لا درهما و لا دينارا ، يفتقد لمقومات الحد الأدنى من العيش الكريم.

الجالية نيوز كان لها لقاء خاصا مع طه العمري و أجرت معه الحوار الآتي:
في مطلع هذا اللقاء أود أن أسألك عن طه العمري من أي فىءة من المهاجرين تصنفه ؟

الغربة لا تتيح لك كثير الوقت للتفكير، تصيبك بمتاعب و هزات. و ليس لك الخيار إلا في تحويل الضعف إلى قوة و الإنطلاق بنفس جديد . المغتربون نوعان ، هناك من يتهاوى أمام الضربات فإما أن ينهار و ينتهي بالوقوع في شبكات الإجرام كالسرقة و المخدرات و غيرهما أو يدرك أن الضربات التي لم تصب في مقتل ليس لها إلا أن تقوي العزيمة و تصقلها ، ثم لك أن تفرض وجودك و عليك أن تختار بنفسك و تحدد قواعد اللعبة بانتهاج الأنسب و اختيار الأقوم.

أنت نشأت في عائلة ميسورة الحال وفرت لك ما يحلم به كل شاب. في ذات الوقت تتميز عائلة العمري بأن جلها كوادر و مثقفين. بين عشية و ضحاها أصبحت مغتربا على قارعة الطريق ، تعيش الخصاصة و قلة ذات اليد. كيف كان ذلك؟
صدمة….بكل ما تحمله الكلمة من معنى كانت صدمة. خياران لا ثالث لهما. اما أن تعود من حيث أتيت أو تمضي إلى ما أتيت من أجله. و أنا اخترت الثانية فكان عليا أن استجمع قوايا و استعيد صلابتي و من هناك بدأت رحلة التحدي و المثابرة.

هذا التموقع على الصعيد العملي قربك أكثر من المجتمع الذي تعيش فيه ، نظرته إليك تختلف عن نظرته لبقية المهاجرين. ماهي الطريق السالكة إلى هكذا نجاح و ما السر؟ لا يوجد سر في ذلك. كل ما حققته كان بتوفيق من الله و كله وليد العفوية. نعم كانت هناك تضحيات جسيمة و كان هناك عمل شاق و مضن و لكن لا توجد بطولات و لا ادعيها. صبر و تحمل و بعد نظر. نولد بميزات و خصائص مهمة، هناك من ينتبه لما تحمله ذاته و لما جبلت عليه نفسه و الكثير لا ينتبه، أعتقد أن الكثير منا يشعر بهذه الريادة في نفسه و هذه الشخصية القيادية التي تتجلى له في المواقف اليومية صغيرها و كبيرها. أرى أنه من الأهمية بمكان أن يثق كل منا بهذه الشخصية و بقدراته عموما و أن يتبعها و ينقاد إليها خاصة في مجال المال و الاعمال ، هذه الشخصية القيادية التي بداخلي أنصت لها كلما كلمتني و أشارت عليا.
قبل أن تعيش النجاح المادي يجب أن تحلم و تقتنع بأن الحلم واقع و أن ما يفصلك عن تحقيق الحلم هو مدى الجهد الذي ستبذله. في أول فترة من الغربة كنت أطرق الأبواب بثياب رثة و حذاء مثقوب و بطن جائع و لكني كنت من شدة الحلم بالنجاح والتفوق لا أبالي. أذكر مرة كنت عامل بسيط في إحدى الشركات الإيطالية و كان صاحبها رجل صاحب تجربة فكان يقول: كلما أراك… إلا و رأيت نفسي فيك. كان رجلا محنكا و صاحب تجربة و عمق في الرؤية. فكان يرى نجاحي و أنا في بادىء الطريق ، اليوم و لله الحمد و الشكر شركتي في موقع متقدم بالمقارنة مع شركته بل أصبحنا مؤسسة رائدة بمعداتها المتقدمة و زادها البشري الذي يضم 300 عامل.

_في الكواليس حدثتني عن التعب و عن الطريق و صعوبتها هل تفكر في الإنسحاب بعد أن حققت ما حققته؟

أبدا…. الطريق طويل و لا رجوع إلى الوراء بل زادت مسؤوليتي. ما يزيد على 300 عائلة تقتات من هذا المصنع. كلما تذكرت هذا إلا و أهتززت اهتزازا و أدركت جسامة الوضعية و أنه عليا أن لا أخذل كل هؤلاء. أصبح هذا على حساب بيتي و عائلتي من حيث الوقت الذي أخصصه لهم فأنا أقضي من 14 ساعة إلى 15 بالمكتب.

في كلامك هناك بعد إنساني مهم جدآ . بالمفهوم الرأس مالي الإقطاعي العامل لا يعدو أن يكون إلا آلة إنتاج ، إذا تعطلت تتغير بأخرى ، فلماذا هذا الحرص على العامل؟

أنا مسلم و الوازع الديني هو من يدفعني لاتقي الله في عمالي و أحافظ عليهم. قبل أن أصبح رجل أعمال كنت عاملا بسيطا و أكره من يهظم حقي. فكيف أهظم حق الناس.

هناك معركة أخرى شديدة و تعتبر تحدي كبير للجالية عموما و لك أنت خاصة بحكم موقعك هي معركة الإندماج. فكيف ترى هذه المسألة؟

نعم هي مسألة دقيقة و مفصلية في حياة المهاجر ، بحيث عليك أن تغير المعايير و المقاييس و تستكشف قوانين البلاد حضارتها و ثقافتها و تبتعد عن رمي الآخرين بما تكره من الأحكام المسبقة، أدركت أن المسألة تتطلب أخذ و عطاء أن تعطي أحسن ما عندك و تأخذ أحسن ما عند غيرك . علينا العمل على تقوية المجتمع المدني المهاجر و إعطائه فرصة التواصل مع الحاضنة الإجتماعية الإيطالية خاصة و الأروبية عامة.

تعتقد أنك ستحضى بنفس النجاح لو بقيت في بلدك تونس؟

لا يعلم الغيب إلا الله ، و لكني لا أعتقد أن تونس تمثل أرضية للنجاح في مجال المال و الأعمال لعدة اعتبارات. أؤكد لك أني لست متأخرا في دفع الضرائب و لو بصنتيم واحد. لا مجال للتهرب الضريبي و الإرشاء ، مما يساعدك أن تعمل بشفافية دون أن يهضم حقك أحد و لا تجد حولك أعداء النجاح ، إلى جانب وجود عقلية تنافسية سليمة بحيث لا نجاح الأفضل.

هل تفكر في الإستثمار في تونس؟

حاولنا و تحدثنا و طلبنا و نظمنا مأدوبة عشاء بحضور سياسيين تونسيين و دعونا زمرة من الأصدقاء المستثمرين و ضربوا لنا الوعود ثم أغلقوا هواتفهم لما عادوا إلى تونس ، كانت الغاية الأولى تحقيق مواطن شغل في تونس و فتح آفاق جديدة للشباب العاطل.

حوار صابر اليعقوبي.

 

 

Giornalista presso Jalyanews e Notiziegeopolitiche

Comments are closed.