testata
Ad
Ad
شخصية الأسبوع

لينا شماميان : مغنية ومؤلفة موسيقية اكتسحت الفضاء الثقافي الأوروبي والعالمي من بوابة الشام

Google+ Pinterest LinkedIn Tumblr

منذ الصبى كانت ” لينا ” تردد مع نسمات الصباح وسكون المساء أحلى الأغاني الشرقية والمحلية التي دغدغت وجدانها وهواجسها …أمر مكنها إلى حد كبير من تكوين الحس المرهف والذوق الفني لديها بل عودت أذنها وحنجرتها على المقامات والقواعد الموسيقية وكونت لها بالتالي ذاكرة سمعية وصوتية جعلتها أكثر فضولا وحلما بأن تكون “مغنية ” .

حلم إنتظر فرصة الإنفجار شعوريا ليطلق العنان لموهبة غنائية ، تأليفية دفينة .

وأول مصافحة لها مع الجمهور كانت مبكرا في سن 15 سنة من خلال مسابقة مدرسية للغناء الفرنكفوني نظمه المركز الثقافي الفرنكفوني بدمشق ، تحصلت على إثرها بجائزة تقديرية في الغناء كانت دافعا وتجربة مهمة في تكوين الشخصية الموسيقية والركحية لديها .
كما أكد أن خيارها هو الموسيقى ولا شيء غير الموسيقى والغناء .

ورغم تميزها وتكوينها العلمي بالمعهد فإنها لا تميل إلى جفاف الأرقام بالمنهج العلمي كالرياضيات ، الهندسة ، الفيزياء والكيمياء … حتى لما تحصلت على علامات ممتازة في البكالوريا تأهلها للتوجه إلى اختصاصات علمية بالجامعة إختارت الإقتصاد كإختصاص في العلوم الانسانية والاجتماعية وقريب من الواقع الإنساني وميولاتها الشخصية إلى الفكر والفلسفة وعلم الإجتماع رغم ضغوط العائلة التي كانت تريد توجها علميا .

فكان أن إختصت في مجال ” إدارة الفن ” وهو ما مكنها من تعلم أساليب التصرف في المؤسسات الفنية ،وعند تخرجها تحصلت على منحة دراسية من جامعة السربون في ” باريس ” لتميزها بهذا الاختصاص وإتقانها للغة الفرنسية .
وخلال دراستها شاركت في مسابقة غنائية مفتوحة نظمها ” المركز الفرنكفوني بباريس ” حيث تحصلت على المرتبة الثانية مكنها من التفكير جديا في إقامة حفلات والدخول مجال المال والأعمال الفني في جانبه الإداري ، لكن ذلك لم يدم طويلا لأن دوافعها وشغفها بالموسيقى جعلتها ترفض التموقع وراء المسرح ، الكواليس وتسيير الشؤون الفنية مقابل أجر ثابت بل مكانها الطبيعي على الركح كمؤدية حالمة تداعب الألحان والكلمات .

وعلى هذا الأساس وجهت نظرها إلى تعلم الموسيقى في جانبها النظري ففي إعتقادها ” لا يمكن الإشتغال بالموسيقى دون وعي بالنظريات ، القواعد ، تاريخ الموسيقى وتنوعها في المجتمعات الانسانية ”
وكان خيارها دراسة ” الأوبرا ” كأنموذج غنائي كلاسيكي يتماهى من حيث الأسلوب والغناء في بعض مكونات الموسيقى الشرقية ، هذا إلى جانب دراسة الرومنسية الموسيقية عامة ، الطنقو ، الموشحات …إلخ

وفِي أول محاولة لها في الغناء قامت بإنجاز أول ألبوم تحت عنوان ” أسمر اللون ” الذي يتكون من ستة أغاني رائعة وبعثت به إلى ” المورد الثقافي المصري ” الذي كافئها بجائزة التمويل والإنجاز .
ثم شاركت بنفس الألبوم في مسابقة ” راديو منتيكارلو ” الناطقة بالعربية الخاصة ب ” الموسيقى الأولى للشرق الأوسط ” أين تم إختيارها ظمن الثلاث أصوات الفائزة في التصفيات وهو تتويج مفاجيء وغير متوقع لكنه مفرح للغاية .

مكنها هذا الرصيد الغنائي من القيام بعديد العروض الفنية وأهمها ب ” قالوري مصطفى علي ” حيث التوقعات فاقت المنتظر في الحضور ، الإشعاع والنجاح .

تجربة وصفتها بالولادة الأولى جماهيريا وفنيا بل وفِي تثبيت إسمها كشخصية غنائية على الساحة الموسيقية .
كما فتح الباب على مصرعيه بخصوص الدعوات والمنافسات في الشرق والغرب حيث إستطاعت أن تتحصل أيضا على الجائزة الاولى ب “عمان ” بعد ان تم ترشيحها من طرف ” راديو منتيكارلو ” .

وبما أن البدايات يمكن أن تكون سهلة أو حتى محض صدفة فالمتابعة والإستمرار هو النجاح الحقيقي ، لذا كان ألبوم ” شامات ” وهو ألبوم يلخص تراكمات موسيقية ذاتية ” للينا ” أي أنه وعاء تتنوع فيه الألحان والأنغام الشامية من كافة مكوناتها الثقافية كالمردلي ، الحلبي ، الأرمني ، الجبلي …
وعنوان الألبوم كما جاء جمعا هو إختيار مدروس يحمل في طياته الفكرة ، الأسئلة والمضمون وليس مجرد إسما إعتباطيا حسب تعبيرها ، إذ أنه يعتبر إختزال للمكون الموسيقي لمدينة ” الشام ” وألوان تعبر عن المخزون الثقافي عامة والغنائي خاصة للمدينة .
هذا الألبوم دعم حضورها كإمرأة شرقية تحاول إكتساح المسارح الأوروبية والعالمية وتصدر الجانب الإنساني ، القيمي والعاطفي لمجتمع يتألم من ويلات الحروب ، الكراهية والدمار …

الغناء بالنسبة لها تلك اللغة العالمية التي يفهمها الآخر ويدرك رسائلها وهي فخورة بكونها تقدم مشاعر إنسانية تربط الشرق بالغرب وتأسس مبدأ التجاوز ، تجاوز وهم العصبية والتفاضل الثقافي .

“لينا شماميان ” صوت عذب فيه من القوة ، البراءة والإحساس ما يذكرنا بفيروز ، صباح فخري ، وديع الصافي ، ماجدة الرومي …إلخ
وربما خلاصة مشاهير الأغنية العربية … جذورها شرقية وثمارها غربية .

الإستماع لصوتها في حد ذاته علاج وحنين …

مراد المولهي

Comments are closed.