testata
Ad
Ad
شخصية الأسبوع

بلجيكا: المخرج والمدون زياد الهاشمي .. التدوين في العالم العربي بين حرية التعبير ومحك المحظور السياسي

Google+ Pinterest LinkedIn Tumblr

كانت سنة 2011 حُبلى بالتغيّرات والتقلبات الغير منتظرة حيث لا أحد كان يدرك أن كلّ بروج الدكتاتوريات ستتساقط كالحِلس البالي أمام صرخات الشعوب الغاضبة.

وتعالت الصرخات ولم تتوقف إلا بعد ما كُنست بعض رؤوس الأنظمة الظالمة. هذا ما بدا للملاحظين وما أقرّه المثقفون عن طريق وسائل الإعلام في وصف التطورات التي شهدتها مختلف المناطق العربية ولكن من يحاول فهم طبيعة الوقائع دارسا مختلف الظواهر الاجتماعية والاقتصادية يدرك بما لا يدع مجالا للشك أنّ ما وقع من تغيرات سنة 2011 كانت له مقدمات ومبشّرات ومنذرات ولعل أهمها ضرب المنظومة الإعلامية الممنهجة التي بنتها الأنظمة الشمولية والتي عملت على إرساء دكتاتورية المعلومة والفكرة لضمان امتداد النفوذ وتقويته جيلا بعد جيل،  إلا أنّه بفضل الإنترنت وما وفرته مواقع التواصل الاجتماعي من أرضية للحرية غير قابلة للتقييد ولا للسيطرة استطاعت الشعوب أن تعرّي أبواق المدلّسين من الكتّاب والمثقفين والصحفيين وحتى بعض النشطاء الذين تجنّدوا لنصرة هذه المنظومة من أجل حفنة من الامتيازات.

هم ليسوا بخرّيجي معاهد الصحافة والإعلام ولا يشتغلون في إطار منظومة ما تحمل أجندات حزبية أو خارجية،  سلاحهم هاتف للتصوير وحاسوب متنقل وحساب على أحد منصات التواصل الاجتماعي.

حرف فكلمة فسطر فتدوينة،  اخترقوا بها قلوب الغاضبين وأربكوا أقلام المأجورين.

المدوّنون.. هكذا أطلقوا على أنفسهم اسما سيلاحقهم حيثما حلوا وكلما كتبوا و وقتما عبّروا ،  ساهموا في خلق وعي جديد بقصف مؤسسات الكذب فقارعوا الصورة بالصورة والحجة بالحجة.

زياد الهاشمي.. هو أحد الوجوه التي أفرزتها منظومة الحرية التي كان الدّم ثمنها،  وأحد نشطاء شبكة التواصل الاجتماعي الذين ألانوا الكلمة وروّضوا الفكرة،  يستعمل التلميح كما يستعمل التصريح،  ويحسن قراءة الخلفيات معتمدا البديهيات والتحليل العقلاني،  يتكلم التونسية الدارجة ويتميز بالتعليق الساخر السياسي(الصاتير) الذي لا نملك له تقاليدا في الصحافة العربية باعتبارها تعيش تحت وطأة الدكتاتورية.

:الجالية نيوز التقت زياد الهاشمي وأجرت معه الحوار الآتي

زياد أنت تقيم في بلجيكا ما سرّ هذه المتابعة الدقيقة للوطن العربي بصفة عامة وتونس بصفة خاصة؟-

هذا السؤال أصبح تقليديا،  وكلما حللت في وسائل الإعلام إلا وكان أول الأسئلة ،  بكل بساطة أستغرب من هكذا سؤال باعتبار أنّ شبكة الانترنت تعتبر مصدرا أوليا لاستقاء المعلومة،  العالم أصبح بلدا واحدا ولا تنتظر مؤسسة بعينها لتستقي منها الأخبار والأحداث،  الشيء الذي يخوّل لك أن تكون في مرحلة متقدمة من حيث التحديث المعلوماتي،  إذًا أقولها مرة أخرى:علي أن أكون متابعا شرسا للأحداث حتى أستطيع أن أؤدي واجبي كمدوّن وكمخرج وأن أقدّم من موقعي هذا ما أستطيع تقديمه لوطني ولأمتي العربية والإسلامية وهذا نهجي ما دمت حيّا،  ثمّ إنّ الإنترنت هدمت جدار الزمان والمكان فليس من السليم الاستغراب من إنسان يسعى جاهدا لتحيين معلوماته.

إبّان الثورة رأيناك في تجربة تلفزيّة ولكنّك سرعان ما تركت فماهي الأسباب؟-

قبل كلّ شيء أنا مخرج ومدوّن يجمع بين الصورة والكلمة ولا ضوابط عندي في النقد السياسي ولا أخضع لأي “أجندة” مهما كان دورها،  تواصلت تجربتي التلفزية إلى أن شعرت بأن مساحة الحرية التي أوكلت لي بدأت تتقلص ومن التدخل في محتويات الحصص إلى الإملاءات المباشرة وغير المباشرة والتي لا تتماشى مع قناعاتي،  أستطيع أن أقول بأني رفضت أن أكون شاهد زور.

كيف تتعامل مع من يتهمونك بخدمة جهة سياسية من دون جهة أخرى؟-

هذا لا يشغلني كثيرا بل أعتبره سليما جدا ولا يوجد أسود بلا أبيض ولا حياة بلا كراهية ولا ليل بدون نهار،  فالاختلاف سُنة إلهية وهذا أصلا ما نريد العمل عليه لإسقاط النظرية البورقيبية المبنية على الرجل الواحد والحزب الواحد والنظام الواحد،  نقبل بوطن فسيفسائي ونسمع لمن خالفنا ومن انتقدنا ولا نواجه الفكرة إلا بالفكرة، أمّا عن توجهي وأجندتي فقلت بالحرف الواحد وأعيد أنا مدافع شرس عن الإسلام والهوية العربية ولا أقبل المساس بها وأعتزّ بانتمائي لشباب الثورة وما حققناه من تغيير،  حتى أني في بعض أعمالي هاجمت بلا هوادة كل المتشدّقين بالحديث عن الإسلام التونسي والذي قدموه لنا كنموذج عقدي سليم إلا أنه لا يعدو إلا أن يكون أداة للاستحواذ على إرادة الشعب وتكبيله وتدجينه وخلاصة القول عندي أن من اتهمني وخالفني دلّ على أني موجود في الساحة وهذا هو الأساس.

مسألة التدوين عموما ووضع المدون حاليا في العالم العربي وفي تونس أيّ قراءة يمكن لك أن تعطينا إياها في السياق؟-

المدونون في يوم الناس هذا وبعد تجربة الربيع العربي تلاشوا وانقسموا إلى فرق ثلاث،  هنالك من انسحب خوفا وهناك من انخرط في منظومة سياسية بالإشراف على بعض الصفحات المأثرة والصانعة للرأي العام وهنالك من اتخذ منحى تجاريا ليقتات من وراء التدوين،  أمّا الثابتون على مبدأ فهم قلة قليلة إلى جانب أنهم مهددون بالملاحقة الأمنية والهرسلة وأحيانا بالسجن. الأنظمة العربية التي أسقطتها الشعوب لم تختفي بالكامل بل تعيد الانتشار والتموقع بأساليب مختلفة وطرق ملتوية،  فهمت أنه لا سبيل إلى إعادة السيطرة على الشبكة العنكبوتية والتبادل المعلوماتي فقررت ضرب المشرفين على نشرها وصياغتها والكل يعلم الآن أن المعركة ضد المدونين في تونس مثلا أخذت منحى جديدا وكم من نشطاء سُجنوا من أجل تدوينة أو تعليق على منشور في خرق صارخ لحرية التعبير التي يكفلها القانون والدستور ومن تابع حوار وزير الداخلية المعزول “لطفي براهم” وكم أشار من مرة في حواره إلى مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي والذي اتهمهم بصريح العبارة أنهم أول من أشعل فتيل الحرب الكلامية ضده والذي لطالما أضمر العداء لأصحاب النفوس الحرة من المدونين الذين يعبّرون عما يدور في فلك المظلومين والمستضعفين،  وبالتالي إقالته تعتبر نصرا لهذه الفئة التي أعتز بالانتماء إليها،  ونستعد إلى التقاط إشارات طمأنة من الوزير الجديد آملين في أن لا يدفع بالتصعيد  نحو المدونين والتضييق عليهم.

أنتم كمدونون عرب في المهجر كيف تتعاملون مع الأحداث في البلدان العربية هل تعتقد أن التدوين قرب بين هذه الشعوب؟-

عندما ثارت تونس كانت بمثابة القطعة الأولى من ال”دومينو” ، وبانكسار حاجز الخوف في تونس أدرك المصريون أنهم قادرون على ذلك وتحركت معها ليبيا ثم اليمن ثم سوريا ثم الأردن ولم تكن وسائل الإعلام الرسمية طرفا في المعادلة بل كانت بمثابة الشوكة في خاصرة الثائرين ولكن استطاع المدونون بثباتهم حشر الإعلام الرسمي في الزوايا بعد تعريتهم والكشف عن كذبهم،  حتى رأينا الكثير منهم يبكون بكاء النساء على كرامة وشرف لم يحافظوا عليه كالرجال.. هؤلاء البكّائون عادوا اليوم من جديد للعويل  والنحيب زورا وبهتانا وتضليلا.

زياد الهاشمي نريد منك رسالة مدون عربي-

سنبقى على العهد وفاءا للمبادئ ولحق الشعوب في تقرير مصيرها ولن ندخر جهدا في الذود عن الحق واستعمال الكلمة وردع الظالمين من المسؤولين والسياسيين العابثين بمصير الناس. وليعلم الجميع أن الحدود قد سقطت وأن الشعوب علمت ما تريد ولن تتراجع عن مطالبها وأن الفرقة لن تحكمنا أبدا وخير دليل على ذلك ما يقع بين شعبي الجزائر والمغرب،  بالرغم من الخلاف السياسي بين الجزائر والمغرب صوتت الجزائر لصالح المغرب،  سقطت كل الخلافات ويكفيك أن تزور بعض صفحات البلدين لتعلم أن خلافاتنا مصطنعة وأنها إلى زوال.

حوار: صابر اليعقوبي

 

Comments are closed.