testata
Ad
Ad
شخصية الأسبوع

بلجيكا: الدكتور “عبد الحق كلاعي”..لا سبيل لتقوية المجتمع المدني إلا بمقاربة إصلاحية عميقة لكل المنظومة..و كفاءاتنا قادرة على إحداث الفارق في أوطاننا

Google+ Pinterest LinkedIn Tumblr
كل ميسر لما خلق له” لكل إنسان مجال قد يكتشف فيه نفسه فينبهر قبل انبهار من حوله بطاقاته ، عملية بحث مستمر في محاولة استكشاف طاقاتنا و نواحي الابداع فينا.. أحيانا تكون أقرب لنا مما نتصور..فيأتي من يستكشفها دون عناء أو يهتدي لها صاحبها دون تعب و شقاء و لكن تتجلى هاته القدرات و تصبح محل بذل و عطاء بل نبراسا يقتفي أثره التائهون في بستان المعرفة و حب الإطلاع البناء الذي يهدي إلى سبيل الرقي والتميز ..كم من عالم جهبذ فطحل مات كمدا بين كتبه و محبرته مملوءة بدموع الخذلان الرهيب القاتل الصامت مات ولسان حاله يقول ارحموا عالما بين الجهلة..لم يرحمه الجهلة و لكن الموت رحمه حين قرر انتزاعه من بين جحافل الكسل و الخمول.. و مات العالم.. و لكن علمه بقي و استفحل و عاد يصارع العقول النيرة على مدى العصور و باتت الإنسانية بعد موتها تنحني أمام أعتاب اسمه الذي خلده إرثه

 

كلما سمعت عن أحد العقول العربية المهاجرة إلا و تساءلت أما كان له أن يصبر؟ لماذا لم تهيأ له ظروف سانحة للإبداع و التفوق؟ لماذا الغرب يحرمنا كفاءاتنا؟
أعلم ما لم نعلم؟ أفهم ما لم نفهم؟
عبد الحق كلاعي هو أحد أبناء تونس الخضراء المتميزين في مجال إدارة الأعمال والتعلم المؤسساتي .. يعمل كمستشار في جودة البرمجيات على مستوى البنوك في بلجيكا .. درس في تونس اختصاص برمجيات ثم اختص في إدارة الأعمال وتطوير طرق العمل في البرمجة في بلجيكا .. قام بعديد الدورات التدريبية في هذا المجال في ليبيا وإيطاليا و الهند وأمريكا وبلجيكا.. اقتفينا نحن الجالية نيوز كفاءة عبد الحق وأجرينا معه الحوار التالي
دكتور عبد الحق كلاعي ، قبل أن أتحدث معك عن الحاضر أريد أن أعود بك إلى البداية كيف كانت ظروف الإنطلاقة في بلجيكا و ما هي طبيعة الصعوبات التي واجهتها نظرا لنوعية مسارك العلمي؟
آخر سنوات الدراسة بتونس بدأت أدرك مدى علو سقف الطموحات الشخصية كما في المقابل يزداد إيماني بأن تونس لن تكون الأرضية المثالية لهكذا أحلام متواترة و متدفقة ، كان تميزي الدراسي يضفي على مستقبلي العلمي ضبابية خانقة ، و لا متنفس لهاته الأحلام إلا بالركون لطرح الهجرة كفكرة خلاص . بلجيكا كانت وجهتي ..و لكن فور وصولي منذ عشرة سنوات كانت صدمة مدوية ، حيث لا حديث في الشارع و لا في دائرة الصحافة و الإعلام إلا عن الأزمة الإقتصادية التي ضربت قطاعات عدة و تهاوت على خلفيتها البنوك ، فكان الأمر في البداية يبعث في النفس الارتباك و التردد و لكن كنت متماسكا و لا أرى مجالا للمزايدة على الأهداف التي جئت من أجلها و تحقيقها. أما عن الصعوبات فكانت متعددة الأوجه لعل أهمها ما أشترك فيه مع كل المغتربين والذي يتمثل في مسألة الاندماج الحضاري والثقافي خاصة جانب اللغة التي كنت أدرك أيما إدراك أن تطويرها وتهذيبها ضرورة قصوى لا سيما وأن مجالي العلمي يحتم علي أن أكون في مرحلة متقدمة لغويا.. أظنني كنت من أولئك المحظوظين الذين ساعدتهم خبرتهم في الحصول على عمل في بلد المهجر في وقت مبكر.. كانت لدي خبرة في مجالي بفضل عملي في تونس في شركة “أل جي” كمسؤول عن جودة البرمجيات ما كان سببا في مساعدتي على الاندماج.. لذلك أنصح الشباب العازمين على الهجرة لأجل العمل وخاصة المتحصلين على شهادات علمية بأن يسعوا قبل السفر إلى اكتساب خبرة والتزود بسيرة ذاتية تمنحهم فرصة أفضل بالخارج وكذلك أؤكد على ضرورة إتقان اللغات لأن اللغة برأيي من أهم العوامل التي تساعد على الاندماج.. والإنسان لديه القدرة إن أراد على قلب الموازين وتغيير حاله من السيئ إلى الأحسن من خلال السعي نحو المهنية .. إتقان اللغة والعمل على تطوير نفسه والتأقلم مع ظروف البلد الجديد..
 دكتور فيما يتعلق بحياتك الاجتماعية، أي تواصل مع أفراد الجالية وأي إضافة تضفيها على النشاطات الاجتماعية للجالية؟-
في الحقيقة كل تركيزي الآن على مساري العملي.. علي أن أتقدم خطوات لقطع الأشواط اللازمة في مجالي ومشاركتي في بعض الفعاليات في صلب المنظمات والجمعيات محدودة جدا لأن أحد عناوين النجاح تتمثل في احترام الالتزامات والوفاء إليها الشيء الذي جعلني لا أنخرط عمليا في أي نشاط في صلب المجتمع المدني. علي أن أشير كذلك إلى أن هذا الجانب معقد إلى حد بعيد باعتبار أن ما لامسته يعتبر خطيرا بحكم الإيديولوجيات السائدة على الناشطين وتؤثر على المسار الاجتماعي وتخرجه من سياقه.
بما أنك تحدثت عن جانب النشاط الاجتماعي ما الذي تستطيع أن تضيفه في هذا الإطار متحدثا عن المجتمع المدني ونشاطه في البلاد العربية بالمقارنة مع النشاط في ديمقراطيات الغرب؟
دعني قبل كل شيء أتحدث عن الأبعاد الحقيقية لهذه المنظومة ويجب أن نفرق بين وضعية تونس وسائر البلاد العربية. أولا يبدو أن تونس حققت مساحة مهمة في مجال الحقوق والحريات على عكس باقي البلاد العربية ولكن يبقى كل شيء نسبي .. في الظاهر في تونس هناك أكثر حرية بحيث الرقعة المتوفرة تبيح مجالا مهما من التحركات ولكن في حقيقة الأمر كل هذه الأعمال الجمعوية تخضع للرقابة وأحيانا للحصار إذا أوجعت منظومة الفساد والإفساد . نعتقد أنه لا مجال للرقي والتقدم في هذا المجال إلا بمقاربة إصلاحية جدية تسعى لإحداث قوانين تقضي على الفساد بأنواعه والمحسوبية وتبني قواعد ومؤسسات صلبة لا تهتز بمجرد تدخلات شخصيات نافذة في مجال المال والأعمال والسياسة كالمجلس الأعلى للقضاء والمجلس الأعلى للصحافة والإعلام لا يخضع للإيديولوجيات المقيتة وتحييد النقابات على المجال السياسي.. إذا حققنا هذا معناه أننا على مشارف أبواب مدينة الأحلام.
دكتور أنت تعتبر من النخبة المؤهلة للقيادة ورغم هذا تفضل عدم الانخراط في أي جانب من الجوانب السياسية أو الاجتماعية ولكن مستقبلا هل من الممكن أن نراك في هذا المعترك؟-
الفكرة الإصلاحية هي أحد أهدافي طبعا.. فمثلا أنا الآن وبالتوازي مع عملي كمستشار في جودة البرمجيات.. أدرس ماجستير أخرى في الجامعة الأمريكية اختصاص “التنمية الاقتصادية لمقاومة الفقر”.. هدفي منها هو إيجاد حلول لتطوير حياة البعض من خلال جمعية “القروض الصغرى للرجل والمرأة”.. وهي من الحلول العلمية التي أسعى لإنجاحها للتمكن من مواجهة الفقر. بطبيعة الحال المسألة أعمق من أن نطرحها في سطرين ولكنها بكل خفاياها وتفاصيلها تدخل في إطار استراتيجيات عالمية لمقاومة الفقر وإعطاء فرص جديدة للناس. أعتقد أن المجال السياسي يستهويني ولا مفر من خوض التجربة استجابة لنداء الواجب.
بما أنك كذلك رجل اقتصاد هل يمكنك أن تعطينا تقييما للوضع الحالي في تونس وما نوعية الحلول التي يمكنك أن تطرحها ؟-
في تقديري الوضع معقد جدا و المشكل لا يتمحور في الحلول و اقتراحها بقدر ما هو رهن الإرادة السياسية.. هنالك مشكلة في الإرادة وتحمل المسؤولية.. تونس تحمل الآن على كاهلها 74 بالمائة من الدين الخارجي.. الوضع متفاقم و في تدهور ، كلها حلول ترقيعية و لا توجد حلول جذرية الوضع يبدو مخيفا للغاية و إلا كيف لدولة أن تقترض من أجل دفع أجور العاملين في دواليبها… ليس لدي حلول خاصة ولكني كحل عام أقترح اعتماد الحوكمة الرشيدة يعني أن نشغل الموارد الداخلية لأنها فعالة أكثر إن أحسنا توظيفها على الشكل الصحيح الذي يعود بالفائدة على وضع البلاد الاقتصادي..ثم العمل على إيجاد سياسات تصنيعية ترمي إلى رفع مستوى القيمة المضافة لتحقيق الاكتفاء الذاتي و عدم اللجوء إلى الاستيراد نظرا لتدهور الدينار التونسي مع العمل على اكتساب أسواق خارجية. في نفس السياق على الجميع أن يفهم أن الخروج بالبلاد من عنق الزجاجة لا يتحقق إلا بإجراءات موجعة تتحمل مسؤوليتها الحكومة و تصبر على النقد و الضربات الموجعة للمعارضة التي ستأتي في إطار ديناميكية سياسية في دولة ديمقراطية.
تعتقد أن هذا وارد في تونس في ظل منظمة شغيلة في حجم الاتحاد العام التونسي للشغل و في ظل مشهد صحفي أشبه ما يكون بالرمل المتحرك؟-
أعتقد أنني أقصد هذا عندما قلت يجب أن تتحمل الحكومة مسؤولياتها فلا خروج من الوضع الحالي إلا بإجراءات مريرة و إلا ستغرق السفينة بما تحمل لأن التضخم النقدي و تدهور العملة التي بلغت أرقاما قياسية في النزول ستحملنا لتعويم الدينار في مرحلة أولى ثم لسقوط الدولة في النهاية
حوار صابر اليعقوبي

Comments are closed.