testata
Ad
Ad
شخصية الأسبوع

“كيم بيك”.. ذاكرة استثنائية.. حفظ 12 ألف كتابا.. ولكنه كان تعيسا هذا الذي لا ينسى

Google+ Pinterest LinkedIn Tumblr

“..كم كان تعيسا “كيم بيك”، ذلك العبقري الذي ولد بضرر في دماغه ، الضرر الذي صنع عبقريته..كان لا ينسى شيئا قرأه او سمعه او رآه ابدا…كيم بيك الذي عاش طويلا…لم ينس شيئا في حياته قط…كان يقرأ الصفحتين من الكتاب في ثوان عشر كل صفحة يقرؤها بعين فترسخ في ذهنه ويحفظها…هذا الرجل الذي وعا في ذهنه عن ظهر قلب 12ألف كتاب…كم كان تعيسا ,هذا الذي لا ينسى..كم نشرة لاخبار الموت شاهد في حياته؟ كم سخرية مرت عليه وعلى اعاقته في حياته؟ هذا الرجل الانطوائي الغريب الاطوار المصاب بمرض التوحّد..كم جشعا وكم خيانة وكم وحشية مرت أمام ناظريه وكم خبرا اذاعه المذياع في أذنه ..حيث قُدّر له الا ينسى من ذلك شيئا أبدا… هذا العبقري الذي برع في علوم التاريخ والجغرافيا والأدب الانجليزي والارقام الحسابية والموسيقى ..لم يكن يستطيع ارتداء ثيابه دون مساعدة…ولكن الله وهبه تلك الذاكرة التخييلية الرهيبة … كانت الهبة التي أعطيت لكيم بيك مدهشة برغم التعاسة التي يمكن ان تكون قد تسسبت له فيها… طالما كان بإمكانه أن يحلم..بامكانه أن يعيد قراءة اي رواية مرت بين ناظريه يوما, يمكن أن يعود عبر ذاكرته لأي فصل يريده ,لأي مشهد,لأي حدث …كان لكيم بيك جناحين من اثير يحلق بهما حيث شاء في تلك العوالم….ربما كان أكثر سعادة من الآخرين الذين يستطيعون أن يلبسوا ثيابهم ويتأنقوا, أولئك الذين برعوا في ارتداء ربطات العنق بكل سهولة…ويمشون بسهولة ويمارسون الرياضة بسهولة..وينظرون إلى المتوحد بكل شفقة…لم تكن لديهم أجنحة من اثير كالتي يملكها كيم بيك…لم تكن لديهم دموع كيم بيك كلما شاهد مجزرة جديدة تسجل في تاريخ الإنسانية, كيم بيك الذي لا ندري كم مرة بكى حين لم يجد والده الى جانبه, ذلك الرجل الذي كان يساعده في ارتداء ثيابه ويعينه على الاكل والشرب والتفسح خارجا…كم دمعة يذرفها كيم بيك لهمسات ساخرة كانت تنظر اليه وتضحك….لا عجب, ان يموت كيم بيك بنوبة قلبية, لذاكرة كانت تعاني من غياب ملكة النسيان.. هذا الطفل المتوحّد لديك, ثق يا صديقي, أن بداخله شيئا من العبقرية…كن له كوالد كيم بيك…يمكن لطفلك ان يسطر تاريخه…اولئك الاطفال المتوحدون…هم احوج الناس الى الحب..وربما نحن ..نحن احوج الناس اليهم كي نعطيهم الحب الذي نفتقر اليه في عالم الانتهازيين المتاجرين بمآسي الآخرين..هؤلاء المتوحدون يخافون هذا العالم…حين نتقن نحن ثقافة الحب والاحتواء, سنجعلهم يصدقون بان هذا العالم يمكن أن يكون أفضل ..افضل بكثير مما هو عليه…فلنحاول أن نقنعهم بذلك, لان هؤلاء الصادقين يستحقون…وإن كانت تلك, أطيب و أكبر وأسوأ كذبة في التاريخ, بأن هذا العالم جميل ويمكن أن يكون أفضل…فليغفرها الربُّ لنا..إذ لم يتسنى لنا الخيار…”

 عبد الله الحزقي 

Comments are closed.