تتحول المدن الرئيسية بأروبا خلال شهر أوت إلى مدن خاوية و أحيانا تبدو و كأنها مدن أشباح حيث تغيب الحركية عن مؤسسات الدولة بإداراتها و هياكلها التي تقوم على تقديم الخدمات للناس ، كذلك الحال بالنسبة للمناطق الصناعية التي تتزامن عطلها مع عطل المؤسسات لترابطها الوثيق ببعضها البعض ، في ذات الوقت تشهد المدن الساحلية إقبالا رهيبا و زخما حضوريا مهما ، كثيرا ما يفوق طاقة الإستعاب المحددة من شقق للإجار و نزل و منتجعات سياحية. أما بالنسبة للمهاجرين فشهر أوت يعد الأنسب للعودة للديار و الأهل و الأحباب و قضاء أمتع الأوقات معهم باعتبارهم طرفا في هذه المؤسسات الصناعية و الشركات الخدماتية ولكن يبدو أن النظام اختل بصفة تتجاوز كل الحدود ، حتى أصبح الغائب عن وطنه لا يجد سبيلا لزيارته العام تول الآخر و ذلك لأكثر من سبب ، و سنتطرق لأهمها.
في فصل الشتاء لا تتجاوز تذكرة الراكب و سيارته على متن الباخرة ما قيمته 350 أورو على أقصى تقدير و في أسوء الحالات ، إلا أن التذاكر تتحول إلى غاية صعبة المنال حيث تقفز الأسعار لتصبح غير معقولة البتة لتلامس سقف 1500 أورو للتذكرة مع السيارة ، و ما يزيد الطينة بلة إذا أصبح الأمر يتعلق بالعائلات من ثلاث أفراد و أكثر ، إذ كلفت العودة لبعض العائلات تتجاوز أحيانا 3000 أورو .
ما يثير الإستغراب أن الشركات التي تشرف على الملاحة البحرية ليست خاصة و إنما تابعة للدول التي أصبحت منخرطة في هاته السوق المتميزة بالهمجية و النهب المتواصل لأموال الناس كلما حلت العطل صيفا أو شتاء و بدلا من توفير أكثر بواخر و لو باكترائها ترفع الأسعار لتغرق الناس في وحل الإنتظار و الإكتظاظ و و سوء الخدمات بالرغم من الغلاء المشط للحجوزات علاوة على الحر الشديد الذي تدور فيه مغامرة العودة للأهل و الأحباب و هذا في حقيقة الأمر مشكل يجمع بلدان شمال إفريقيا الذي تكون نقطة انطلاقهم نحو أرض الوطن من إيطاليا فرنسا و إسبانيا و في كل الأحوال تنخرط المؤسسات البحرية في جلد المهاجرين ماديا و جسديا و معنويا.
بحسب مصادرنا صرح بعض الناشطين المدنيين للجالية نيوز عن اعتزام مكونات المجتمع المدني للمهاجرين القيام بخطوات في اتجاه فتح قنوات تواصل مع شركات الملاحة قصد ردعها عن إثقال كاهل المهاجرين بمبالغ خيالية و توفير أكثر بواخر تجنبا للإكتظاظ و سوء الخدمات و أحيانا سوء المعاملة.
Comments are closed.