تقترب ألمانيا والنمسا من الانضمام إلى دول منطقة اليورو الأخرى في سحب أكبر ورقة نقدية فئة 500 يورو، التي يتهمها كثيرون بتسهيل نقل كميات ضخمة من المال وعمليات الفساد وتمويل الإرهاب وأنشطة أخرى غير مشروعة، لكن هناك أيضا من يدافع عنها في الأوساط المالية والشعبية.
لن يشعر سوى قلّة من سكان دول منطقة العملة الأوروبية الموحدة باختفاء الورقة النقدية من فئة 500 يورو، باستثناء من يستخدمونها في التهرب الضريبي وأغراض أخرى غير مشروعة.
لكن البدء بسحب تلك الفئة من التداول يبدو أكثر إيلاما لبعض السكان، رغم أنه لن يتم إسقاط قيمتها بالنسبة إلى من سيواصلون الاحتفاظ بها.
وقال رولف الذي يعمل في المجال الطبي في فرانكفورت “أفضّل الفئات النقدية الكبرى. هذا لا يعني أني أقوم بصفقات مشبوهة”. وذكر أنه اشترى سيارة مؤخرا بأوراق نقدية من فئة 500 يورو.
ويرى أنه “من الصعب قبول” قرار البنك المركزي الأوروبي إيقاف إصدار تلك الفئة النقدية في 17 من البنوك المركزية الوطنية للدول الأعضاء في منطقة اليورو من أصل 10 بلدان.
ومن المقرر أن تنضم ألمانيا والنمسا إلى بقية الدول في سحبها من التداول في 26 أبريل المقبل، حيث تواصلان حاليا إصدارها “لضمان عملية انتقالية أفضل”.
وتقول المصارف المركزية إنه إذا بقيت أوراق نقدية قليلة من هذه الفئة في التداول فلا داعي للهلع لأنه يمكن إعادتها للبنوك المركزية واستبدالها بفئات أصغر، وأنها لن تفقد قيمتها لدى من يريدون مواصلة الاحتفاظ بها.
ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى إيفا تايلور المتحدثة باسم البنك المركزي الأوروبي قولها إنه “بالإمكان مواصلة استخدامها في الدفع أو الادخار”، لكن حجم ما هو موجود في التداول أصبح محدودا ولا يمثل سوى 2.3 بالمئة من الكتلة النقدية المتداولة.
كان البنك المركزي الأوروبي قرّر في عام 2016 وقف إصدار هذه الفئة من الأوراق النقدية خشية أن تستخدم في “تسهيل الأنشطة غير المشروعة”.
وأصبح شائعا إطلاق اسم “بن لادن” على هذه الفئة النقدية لأنها تسمح بنقل كميات ضخمة من المال في شكل سري وتسهيل تداول الأموال القذرة والفساد وتمويل الإرهاب أو أنشطة أخرى غير مشروعة.
ولا يشكّل وزن مليون يورو من فئة 500 يورو سوى نحو 2.2 كيلوغرام من الورق، ويمكن إخفاؤه في حقيبة يد بحجم تلك التي تستخدم لحمل كمبيوتر. والمبلغ نفسه بالعملة الأميركية من فئة 100 دولار يزن أضعاف ذلك الوزن ولا يمكن نقله بتلك السهولة.
ولم تعتبر دول عدة قرار البنك المركزي الأوروبي صائبا، وخاصة ألمانيا التي تخشى أن يساهم ذلك في اختفاء الأوراق النقدية وفي مراقبة معممة للتعاملات المالية.
وكان حاكم البنك المركزي الألماني ينس فيدمان قد اعتبر أن اختفاء ورقة 500 يورو النقدية قد لا يساهم كثيرا في تراجع الأنشطة الإجرامية بل في “زعزعة الثقة” في العملة الواحدة.
وقال معارضون إنه دون هذه الأوراق النقدية سيكون من المعقد على المصارف التجارية إيداع مبالغ مالية كبرى للالتفاف على ودائع مكلفة لدى البنك المركزي الأوروبي الذي يطلب حاليا معدل فائدة سلبيا بنسبة 0.4 بالمئة.
وترتبط ألمانيا بدرجة أعمق بالفئات النقدية الكبيرة. وكانت ضغطها وراء إصدار فئة 500 يورو لتوازي قيمة ورقة الألف مارك الألماني، الذي اختفى مع طرح اليورو للتداول مطلع عام 2002.
لكن الواقع يشير إلى أن الألمان لا يستخدمون الأوراق النقدية من فئة 500 يورو أكثر من بلدان منطقة اليورو الأخرى. ويرى كثيرون أن هذه الورقة النقدية تمثّل مشكلة بالنسبة لهم.
وقالت سوزان سبينر التي تعمل مساعدة في حضانة “لم يكن أي متجر من المتاجر يقبل بهذه الورقة النقدية”.
وبحسب دراسة للبنك المركزي الألماني أجريت في عام 2017 كان أكثر من 60 بالمئة من الألمان لديهم ورقة نقدية من 500 يورو على الأقل، حصلوا عليها كهدية أو وسيلة للادخار أو لدفع ثمن مشتريات كبيرة.
أما في بقية بلدان منطقة اليورو فلم تتجاوز النسبة 20 بالمئة من المستجوبين من البنك المركزي الأوروبي الذين استخدموا ورقة نقدية من فئة 200 أو 500 يورو في العام الماضي.
وفي المحلات التجارية مثل متجر لوسيا باسينغ للأثاث الفخم في فرانكفورت حيث استخدام بطاقات الائتمان كوسيلة للدفع هو الأمر الشائع، فإنه لا يزال هناك زبائن يسددون فواتير من ثلاثة آلاف يورو بأوراق نقدية من فئة 500 يورو.
وتقول المسؤولة عن المتجر “لن أفتقد تلك الأوراق النقدية لأنني لا أحب حملها. لكنني أكون دائما مسرورة عندما يسدد بها الزبائن فواتيرهم”.
منقول